responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 306
دُونَ الثَّانِي، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ تَحَرَّى قَوْمٌ جِهَاتٍ وَجَهِلُوا حَالَ إمَامِهِمْ يُجْزِئُهُمْ) ؛ لِأَنَّ الْقِبْلَةَ فِي حَقِّهِمْ جِهَةُ التَّحَرِّي وَهَذِهِ الْمُخَالَفَةُ غَيْرُ مَانِعَةٍ لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ كَمَا فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ فَإِنَّهُ لَوْ جَعَلَ بَعْضُ الْقَوْمِ ظَهْرَهُ إلَى ظَهْرِ الْإِمَامِ صَحَّ قَيَّدَ بِجَهْلِهِمْ إذْ لَوْ عَلِمَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ حَالَ إمَامِهِ حَالَةَ الْأَدَاءِ وَخَالَفَ جِهَتَهُ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ اعْتَقَدَ إمَامَهُ عَلَى الْخَطَأِ بِخِلَافِ جَوْفِ الْكَعْبَةِ؛ لِأَنَّهُ مَا اعْتَقَدَ إمَامَهُ مُخْطِئًا إذْ الْكُلُّ قَبِلَهُ وَلَمْ يُقَيِّدْ الْمُصَنِّفُ بِعَدَمِ تَقَدُّمِ أَحَدٍ عَلَى الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ تَقَدَّمَ عَلَى إمَامِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ كَمَا فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ لِتَرْكِهِ فَرْضَ الْمَقَامِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ مَسَائِلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَهِيَ فِي كِتَابِ الْأَصْلِ أَتَمُّ فَإِنَّهُ قَالَ لَوْ أَنَّ جَمَاعَةً صَلَّوْا فِي الْمَفَازَةِ عِنْدَ اشْتِبَاهِ الْقِبْلَةِ بِالتَّحَرِّي وَتَبَيَّنَ أَنَّهُمْ صَلَّوْا إلَى جِهَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ قَالَ مَنْ تَيَقَّنَ مُخَالَفَةَ إمَامِهِ فِي الْجِهَةِ حَالَةَ الْأَدَاءِ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ عِنْدَ الْأَدَاءِ أَنَّهُ يُخَالِفُ إمَامَهُ فِي الْجِهَةِ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ فَشُرِطَ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَفَازَةِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّحَرِّيَ لَا يَجُوزُ فِي الْقَرْيَةِ وَالْمِصْرِ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ، وَقَدْ أَسْلَفْنَاهُ وَأَفَادَ أَنَّ عِلْمَهُ بِالْمُخَالَفَةِ بَعْدَ الْأَدَاءِ لَا يَضُرُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]
شُرُوعٌ فِي الْمَقْصُودِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ مُقَدِّمَاتِهِ. قِيلَ: الصِّفَةُ وَالْوَصْفُ فِي اللُّغَةِ وَاحِدٌ وَفِي عُرْفِ الْمُتَكَلِّمِينَ بِخِلَافِهِ، وَالتَّحْرِيرُ أَنَّ الْوَصْفَ لُغَةً ذِكْرُ مَا فِي الْمَوْصُوفِ مِنْ الصِّفَةِ، وَالصِّفَةُ هِيَ مَا فِيهِ وَلَا يُنْكَرُ أَنَّهُ يُطْلَقُ الْوَصْفُ وَيُرَادُ الصِّفَةُ وَبِهَذَا لَا يَلْزَمُ الِاتِّحَادُ لُغَةً إذْ لَا شَكَّ فِي أَنَّ الْوَصْفَ مَصْدَرُ وَصَفَهُ إذَا ذَكَرَ مَا فِيهِ، ثُمَّ الْمُرَادُ هُنَا بِصِفَةِ الصَّلَاةِ الْأَوْصَافُ النَّفْسِيَّةُ لَهَا وَهِيَ الْأَجْزَاءُ الْعَقْلِيَّةُ الصَّادِقَةُ عَلَى الْخَارِجِيَّةِ الَّتِي هِيَ أَجْزَاءُ الْهُوِيَّةِ مِنْ الْقِيَامِ الْجُزْئِيِّ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ قِيَامِ الْعَرَضِ بِالْعَرَضِ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ لَهَا حُكْمُ الْجَوَاهِرِ، وَلِهَذَا تُوصَفُ بِالصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ وَالْبُطْلَانِ وَالْفَسْخِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِثُبُوتِ الشَّيْءِ سِتَّةُ أَشْيَاءَ: الْعَيْنُ وَهِيَ مَاهِيَّةُ الشَّيْءِ وَالرُّكْنُ وَهُوَ جُزْءُ الْمَاهِيَّةِ وَالْحُكْمُ وَهُوَ الْأَثَرُ الثَّابِتُ بِالشَّيْءِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَشَرْطُهُ وَسَبَبُهُ فَلَا يَكُونُ الشَّيْءُ ثَابِتًا إلَّا بِوُجُودِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ، فَالْعَيْنُ هُنَا الصَّلَاةُ، وَالرُّكْنُ الْقِيَامُ وَالْقِرَاءَةُ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ، وَالْمَحَلُّ لِلشَّيْءِ هُوَ الْآدَمِيُّ الْمُكَلَّفُ، وَالشَّرْطُ هُوَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الطَّهَارَةِ وَغَيْرِهَا، وَالْحُكْمُ جَوَازُ الشَّيْءِ وَفَسَادُهُ وَثَوَابُهُ، وَالسَّبَبُ الْأَوْقَاتُ، وَمَعْنَى صِفَةِ الصَّلَاةِ أَيْ مَاهِيَّةُ الصَّلَاةِ
(قَوْلُهُ فَرْضُهَا التَّحْرِيمَةُ) أَيْ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِيهَا فَإِنَّ الْفَرْضَ شَرْعًا مَا لَزِمَ فِعْلُهُ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا أَوْ رُكْنًا وَالتَّحْرِيمُ جَعْلُ الشَّيْءِ مُحَرَّمًا وَخُصَّتْ التَّكْبِيرَةُ الْأُولَى بِهَا؛ لِأَنَّهَا تُحَرِّمُ الْأَشْيَاءَ الْمُبَاحَةَ قَبْلَ الشُّرُوعِ بِخِلَافِ سَائِرِ التَّكْبِيرَاتِ وَالدَّلِيلُ عَلَى فَرْضِيَّتِهَا قَوْله تَعَالَى {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 3] جَاءَ فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ) .
(قَوْلُهُ: قِيلَ الصِّفَةُ وَالْوَصْفُ فِي اللُّغَةِ وَاحِدٌ) قَالَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ ثُمَّ الْوَصْفُ وَالصِّفَةُ مَصْدَرَانِ كَالْوَعْظِ وَالْعِظَةِ وَالْوَعْدِ وَالْعِدَةِ وَالْوَزْنِ وَالزِّنَةِ، وَفِي الصِّحَاحِ وَصَفَ الشَّيْءَ وَصْفًا وَصِفَةً فَالْهَاءُ عِوَضٌ عَنْ الْوَاوِ كَمَا فِي الْوَعْدِ وَالْعِدَةِ، وَفِي اصْطِلَاحِ وَهُوَ قَوْلُهُ زَيْدٌ عَالِمٌ، وَالصِّفَةُ مَا قَامَ بِالْمَوْصُوفِ اهـ.
وَنَحْوُهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ، وَفِي الْقَامُوسِ وَصَفَهُ يَصِفُهُ وَصْفًا وَصِفَةً نَعَتَهُ فَاتَّصَفَ وَالصِّفَةُ كَالْعِلْمِ وَالسَّوَادِ اهـ.
وَفِي شَرْحِ الْعَيْنِيِّ وَالصِّفَةُ وَالْوَصْفُ مَصْدَرَانِ مِنْ وَصَفَ وَالصِّفَةُ الْأَمَارَةُ اللَّازِمَةُ لِلشَّيْءِ، ثُمَّ اُعْتُرِضَ عَلَى الْمُتَكَلِّمِينَ بِقَوْلِهِ وَلَيْتَ شِعْرِي مِنْ أَيْنَ التَّخْصِيصُ اهـ.
وَقَدْ ظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّ الصِّفَةَ تَكُونُ مَصْدَرًا كَالْوَصْفِ وَتَكُونُ اسْمًا لِمَا قَامَ بِالْمَوْصُوفِ كَالْعِلْمِ مَثَلًا وَحِينَئِذٍ فَمُخَالَفَةُ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ حَيْثُ تَخْصِيصُ الصِّفَةِ بِاسْتِعْمَالِهِمْ إيَّاهَا اسْمًا بِمَعْنَى الْأَمَارَةِ اللَّازِمَةِ مَعَ أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ فِي اللُّغَةِ مَصْدَرًا وَالْجَوَابُ عَمَّا قَالَهُ الْإِمَامُ الْعَيْنِيُّ أَنَّ هَذَا اصْطِلَاحٌ وَلَا مُشَاحَّةَ فِيهِ.
(قَوْلُهُ وَالتَّحْرِيرُ إلَخْ) كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَهُوَ مَيْلٌ إلَى مَا قَالَهُ الْمُتَكَلِّمُونَ مِنْ التَّفْرِقَةِ وَرَدٌّ عَلَى الشُّرَّاحِ النَّاقِلِينَ لِمَا يُفْهَمُ مِنْهُ الِاتِّحَادُ بَيْنَهُمَا هَكَذَا يُفْهَمُ مِنْ الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ. أَقُولُ: قَدْ عَلِمْت مِمَّا سَبَقَ أَنَّ النِّزَاعَ إنَّمَا هُوَ فِي أَنَّ الصِّفَةَ خَاصَّةٌ بِالْأَمَارَةِ اللَّازِمَةِ أَمْ لَا فَالْمُتَكَلِّمُونَ عَلَى الْأَوَّلِ وَاللُّغَوِيُّونَ عَلَى الثَّانِي، فَإِنَّهَا تُسْتَعْمَلُ عِنْدَهُمْ اسْمًا وَمَصْدَرًا كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ الْقَامُوسِ وَكَلَامِ الْعَيْنِيِّ، وَأَمَّا أَنَّ الْوَصْفَ قَدْ يُرَادُ بِهِ الصِّفَةُ فَلَيْسَ مِمَّا النِّزَاعُ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَأَيْضًا بَعْدَ نَقْلِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْوَصْفِ وَالصِّفَةِ مَصْدَرَانِ لِوَصْفٍ كَيْفَ يَسُوغُ مَنْعُهُ بِدُونِ نَقْلٍ عَنْ الْعَرَبِ أَوْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ وَلَعَلَّ مُرَادَ الْمُؤَلِّفِ الرَّدُّ عَلَى الْقَائِلِ بِأَنَّهُمَا وَاحِدٌ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ اتِّحَادِهِمَا إطْلَاقُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْمَصْدَرِ وَعَلَى مَا قَامَ فِي الْمَوْصُوفِ، وَأَنَّ إطْلَاقَهُمَا عَلَى الْمَصْدَرِ ثَابِتٌ، وَأَمَّا إطْلَاقُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى مَا قَامَ فِي الْمَوْصُوفِ فَغَيْرُ ثَابِتٍ وَإِنَّمَا الثَّابِتُ إطْلَاقُ الصِّفَةِ عَلَيْهِ دُونَ الْوَصْفِ نَعَمْ لَا يُنْكَرُ أَنْ يُطْلَقَ الْوَصْفُ وَيُرَادُ بِهِ الصِّفَةُ الْقَائِمَةُ بِالْمَوْصُوفِ وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ اتِّحَادُهُمَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِ ذَلِكَ الْإِطْلَاقِ مَجَازًا لَا حَقِيقَةً لُغَوِيَّةً (قَوْلُهُ أَيْ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ) تَفْسِيرٌ لِلْفَرْضِ

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 306
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست